4 يوليو 2024
مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية

 


د. هشام عبد العزيز الغنام 
الخبير السعودي في العلوم السياسية والعلاقات الدولية 

●نشرت الورقة في مجلة (المجلة) بتاريخ ١٣ /٥/ ٢٠٢٣م

 

الاتفاق بين السعودية وإيران لن يحل موضوع اليمن، النفوذ في اليمن سيبقى رصيدا حاسما لإيران في زيادة وزن الأعباء اللوجستية على المملكة والحفاظ على اليمن كأهم نقاط شبكة الارتكاز في الاستراتيجية الإيرانية. طهران ستواصل سياسة التحسين النوعي للقدرة العملياتية لما يسمى "محور المقاومة"، بما في ذلك تطوير الروابط العملياتية الأفقية بين الجماعات الشيعية المسلحة في المنطقة من اليمن وحتى الهلال الخصيب ورفع قدرات التنسيق والتشغيل البيني لديها.

 

لكن الدور الإيراني، رغم كل التحفظات، "ضروري، وإن كان غير كافٍ"؛ (لتمكين) التقدم نحو السلام الشامل في اليمن الذي هو أكثر تعقيدا ويرتبط أيضا في معظمه بالداخل اليمني أكثر من الخارج:

 

في تغير فعلي، وربما مثّل اختراقاً في مسار الحرب المستمرة منذ أكثر من 8 أعوام، زار وفد سعودي مؤخرا العاصمة صنعاء، والتقى بقيادات لجماعة "أنصار الله" وعلى رأسهم رئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" مهدي المشاط. قد تكون هذه الزيارة انطلاقة جديدة لبدء مفاوضات لإنهاء الحرب والوصول باليمن لخريطة طريق تخرج اليمن من أزمته. لكن الخشية دائما من انتكاسة تعود بالجميع للمربع الأول، قد تكون الأرضية التي وفرها الاتفاق السعودي- الإيراني هي أهم ما يمنع هذا النكوص. لكن يبقى السؤال: هل سينهي الاتفاق السعودي الإيراني أزمة اليمن وصراعاته المستمرة؟

 

لن تكون الإجابة على سؤال مثل هذا سهلة، فالمصالحة السعودية- الإيرانية بالقطع ستخفض التصعيد وقتياً، على الأقل التصعيد الموجه مباشرة للمملكة العربية السعودية، فليس من المتوقع أن يطلق أعوان إيران على المملكة الطائرات المسيّرة من دون طيار والصواريخ الباليستية والقذائف القصيرة والمتوسطة والصواريخ الجوالة المنخفضة التكاليف- عادة عشرات أو مئات الآلاف من الدولارات على الأكثر- فيما تعتزم إيران إعادة فتح بعثتها الدبلوماسية في الرياض، إلا أن الصفقة لن تغير التخطيط الإيراني على المدى المنظور واعتماده على حلفاء يشكلون جسماً واحداً وقوة عنيدة في عموم المنطقة ولن يقلل من الانتشار الجغرافي لشبكة حلفاء إيران في المنطقة.

 

ولا يمكن تفسير محادثات السلام في اليمن والإشارات الإيجابية المتعددة القادمة من مناطق الصراع في اليمن بأكثر من ضغط مؤقت من الإيرانيين على الأفراد والجماعات الموالية لهم لتخفيف حدة التوترات في المرحلة الحالية حتى يقف الاتفاق السعودي الإيراني على قدميه. فمن الخطورة بمكان تفسير هذه التهدئة على أنها رغبة إيرانية في التخلي عن أداة قوتها في جنوب شبه الجزيرة العربية.

 

وهذا يعني أن الوضع المعقد في اليمن سيستمر، بالنسبة لإيران سيبقى اليمن ممرًا استراتيجيًا، منخفض التكاليف، يضمن لها القدرة على الوصول التشغيلي إلى أماكن حيوية مختلفة من الجزيرة العربية خلال أي نزاع محتمل مستقبلا.

 

فهذا النفوذ في اليمن سيبقى رصيداً حاسماً لإيران في زيادة وزن الأعباء اللوجستية على المملكة والحفاظ على اليمن كأهم نقاط شبكة الارتكاز في الاستراتيجية الإيرانية، استراتيجية الردع المتقدم لإيران في عموم الإقليم، والذي بحسب ما تدعيه ايران تستخدمه للدفاع عن نفسها.

 

يغفل أيضاً كثير من المراقبين، من كلتا الجهتين السعودية والإيرانية، التحول الكبير الذي طرأ على طيف الأعلام الحمراء في المخيلة الاستراتيجية والعسكرية الإيرانية، فالمملكة العربية السعودية لم تعد كما كانت في العقلية الإيرانية سابقاً، مجرد تابع للسياسة الأميركية في المنطقة، في الاتفاق والاختلاف، كما كان يظن الإيرانيون، واكتشفوا خطأه بعد الاتفاق النووي في 2015م،  بل باتت تشكل تهديداً عسكرياً مؤثراً على خيارات إيران، سواء من ناحية تطوير الأسلحة الإيرانية أو خطتها لخريطة قواعدها العسكرية في المنطقة. يعلم هذا يقيناً من استمع لهواجس الإيرانيين وقلقهم في الغرف المغلقة.


فقد عمدت إيران إلى تعزيز قدراتها العسكرية، ليس فقط في اليمن، بل أيضا بالقرب من سواحل الخليج لتحسين فرصها في أي مواجهة مستقبلية مع دول شبه الجزيرة العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

 

لا يُتصور على المدى المنظور أن تتغير هذه الاستراتيجية الإيرانية خاصة والمصالحة بين القوتين الإقليميتين اللدودتين تخطو خطواتها الأولى، خطوات حثيثة لكنها لا زالت في بدايتها، بل المتوقع العكس وهو أن تتسابق الدولتان على تعزيز قدراتهما العسكرية وزيادة أوراق القوة، ليس رغبة في التصعيد للتصعيد العدواني، بل تحسين كل منهما لموقفها التفاوضي أمام الأخرى.

 

بالنسبة لإيران، سيبقى اليمن ممرًا استراتيجيًا، منخفض التكاليف، يضمن لها القدرة على الوصول التشغيلي إلى أماكن حيوية مختلفة من الجزيرة العربية خلال أي نزاع محتمل مستقبلا.

 

في المجمل، سيستمر البلدان في سياسة الردع والاحتواء وإن كان بأشكال مختلفة: السعودية بنفوذها الاقتصادي بينما إيران بوكلائها العسكريين، ومن أهمهم حوثيي اليمن (أنصار الله). بالقطع ستساعد إعادة العلاقات بين البلدين على تهدئة بؤرة التوتر في اليمن مرحلياً، لكن إعادة العلاقة الدبلوماسية السعودية-الإيرانية لن تكون كافية لجلب السلام لليمن. ومن خلال النظر إلى العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا أو الولايات المتحدة والصين، بالإمكان فهم كيفية وجود علاقات دبلوماسية بين الدول مع بقاء استراتيجية مشتركة للردع والاحتواء في مكانها وتوليد التوترات في الوقت نفسه.

 

الحل الممكن... الجانب المتفائل

في الوقت نفسه، لا يمكن التقليل من أهمية الصفقة السعودية-الإيرانية في بناء الثقة بين البلدين حتى الوصول لتكامل إقليمي ينعكس على اليمن وغير اليمن. لكن هذا التحول نحو نظام سلمي وتعاوني هو عملية متدرجة ستكون إعادة العلاقات السعودية-الإيرانية إحدى مراحلها الرئيسة والحتمية التي سيبنى عليها هذا النظام الأمني لاحقا. الأسئلة الرئيسة الآن هي ما الجهود التي يجب بذلها لجعل الإيجابية الحالية في اليمن دائمة، وكيف يمكن تحصين اليمن مستقبلا من الانتكاس والنكوص. الجزء الأساسي من نجاح هذا الأمر يتعلق باليمنيين وبأنصار الله وانعتاقهم من تحكم واستخدام إيران لهم، والجزء المهم الآخر يتعلق بالتوازن الإقليمي والتفاهمات بين الرياض وطهران.

 

التحول نحو نظام سلمي وتعاوني عملية متدرجة ستكون إعادة العلاقات السعودية الإيرانية إحدى مراحلها الرئيسة والحتمية التي سيبنى عليها هذا النظام الأمني لاحقا.

 

كشف حساب التفاضل والتكامل في الرياض وطهران

اتبعت الرياض وطهران دوافعهما الخاصة والمختلفة للتوصل إلى اتفاق بينهما. هذا التناقض في الدوافع والأهداف بين على هشاشة المصالحة حيث يمكن لأي طرف أن ينعطف عن المسار ويتراجع عن المصالحة إذا تم تحقيق أهدافه الخاصة أو حتى اليأس من عدم تحقيقها، كعودة التصعيد في اليمن لمستوياته السابقة.

 

لكن في المقابل، ولأن طبيعة الصفقة قائمة على مصالح بحتة فهي تغلب الاحتمالات لجعل المصالحة حقيقية ومستدامة وذلك بتوسيع مجالات الاهتمام والمصالح المشتركة. فمن المنظور الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية، تحول الصفقة الصراع بين البلدين إلى المجال الاقتصادي بعيدًا عن المنافسة الأمنية، لأن الأخيرة ضارة ومكلفة ليس فقط للسعودية بل للجانب الإيراني أيضا، وبالتأكيد لليمن وفصائله المتعددة ككل بما فيهم من يتعاون مع إيران. ويبدو أن الرياض قد أخذت قرارها باستراتيجية ثلاثية: أولا بتهدئة الأعمال العدائية مع إيران، ثانيا استكمال الضمانات الأمنية الحالية التي تمتلكها من الولايات المتحدة، وثالثا استخدام منافسة القوى العظمى لصالحها وتنويع تحقيقها الأمني. هذه الاستراتيجية المتعددة، مع التفاعل الدبلوماسي مع إيران لاستكمال الردع بالدبلوماسية وجلب ضامن سياسي جديد وهي الصين التي تتمتع بنفوذ كبير على طهران، خاصة بعد أن أثبتت فيها سياسة الولايات المتحدة أنها غير كافية، و/أو غير فعالة، هذا كله سيوفر البيئة والأرضية المناسبة لتمكين المكونات اليمنية المختلفة للخروج من الأزمة المدمرة الحالية.

 


يبقى السؤال قائما: هل هذه الاستراتيجية السعودية ستكون مقنعة لإيران لتخفيف التوترات في اليمن وصولا لحل سياسي مع إبقاء علاقتها قائمة مع "أنصار الله"، لأنها لن تفرط في هذه العلاقة طوعا؟

بالنسبة لإيران هي تنظر لهذه التغيرات وتعلم واقعا وتستوعب أن لا مصلحة للسعودية في أي حرب في منطقة الخليج. فقد أدى فشل سياسة الضغط الأقصى الأميركية على إيران، وتوجه طهران لزيادة تخصيب اليورانيوم، وتهديدات إسرائيل بقصف المنشآت النووية الإيرانية، إلى وضع المنطقة على شفا حرب. لا تريد السعودية أن تكون طرفاً في هذا التصعيد الذي يقوّض أمنها ويؤخر مشروع تحولها الاجتماعي والاقتصادي. الانفتاح مع إيران يبعث برسالة واضحة للإيرانيين بأن المملكة ليست مستعدة للمخاطرة بحرب مباشرة مع جارتها اللدودة مما يخفف الهواجس الإيرانية من أي مشاركة سعودية أو تعاون سعودي سواء كان هذا التعاون مع إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة لاستهداف الجمهورية الإسلامية.

 

ما يعني المملكة العربية السعودية تجاه إيران هو الجماعات الموالية لها في اليمن بشكل مباشر والأثر المدمر لهذا التدخل الإيراني في اليمن ومحيطه بالإضافة إلى مسألة ليست منفصلة عن الأولى وهي برنامج الصواريخ التقليدية المتقدم لدى إيران والذي يصل إلى أعوانها أيضا بلا انقطاع. المفارقة أن هاتين الأولويتين للسعودية في تعاملها مع إيران ليستا جزءًا أساسيا من المحادثات بين الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين مع إيران، وهذا سبب آخر وجيه لعقد صفقة إقليمية مع إيران. وبينما تدرك السعودية تمامًا أن إيران لن تضع قيودًا على برنامجها الصاروخي مهما واجهت من ضغوط، فإنها تعتقد أن تطبيع العلاقات مع إيران هو خيار منطقي ومسار بديل قد يسهم في استقرار المنطقة، خاصة في اليمن.

 

وهذا ليس مستبعدا، أعني محاولة استفادة إيران من مشروع المملكة وبرنامج تحولها الاجتماعي والاقتصادي. فهناك قناعة إيرانية، رغم الخلافات على مستوى القيادة الإيرانية تجاه هذا الملف، إلا أن إيران، بكل الضغوط الداخلية والدولية التي تواجهها، تدرك أن هناك فرصا للاستفادة من هذه التحولات في المملكة العربية السعودية الذي هو مشروط باستقرار المنطقة ولا استقرار ولا تنمية دون هدوء ومعادلة سلام مقبولة في اليمن- على ذلك هناك مصلحة متبادلة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال إقامة علاقات طبيعية بين البلدين. وعليه، ستذهب المملكة بعيدا ولأقصى مدى في مراعاتها لمحيطها الحيوي بحيث إنه إذا أدى الانحياز لأي من القوى العظمى إلى إثارة التوترات مع طهران، فلن تكون المملكة طرفا في هذا الانحياز، وهذه سياسة سعودية مختلفة جذريا. على سبيل المثال، اختارت المملكة سياسة الغموض الاستراتيجي تجاه أزمة أوكرانيا، مما ساعدها على حماية مصالحها من العواقب والارتدادات السلبية للتوترات الروسية الغربية.

 

عامل آخر قد يكون داعما لاستقرار أكثر ديمومة في اليمن، هو الشراكة الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية السعودية الصينية. فبوساطة الصين، تحقق اختراق نحو السلام مكّن السعودية وإيران من عقد صفقة دبلوماسية مهمة. والمتوقع تعاظم الدور الصيني في هذا المسار، نظرًا لأن الصين تتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي على إيران، فإنها تجعل إيران أكثر ميلًا للوفاء بالتزاماتها في الاتفاق مع المملكة، واليمن منطقة التزام رئيسة، خاصة وأن طهران تنظر إلى التدخل الصيني في قضايا أمن الخليج على أنه فرصة لطرد أميركا من الأقليم.

 

ستذهب المملكة بعيدا ولأقصى مدى في مراعاتها لمحيطها الحيوي؛ بحيث إنه إذا أدى الانحياز لأي من القوى العظمى إلى إثارة التوترات مع طهران، فلن تكون المملكة طرفا في هذا الانحياز، وهذه سياسة سعودية مختلفة جذريا.

 


الاستقرار في المنطقة، خصوصا خاصرة المملكة الجنوبية عبر حدود طويلة مع اليمن، هو الأهم بالنسبة للسعودية. لم تقم المملكة بالتوقيع على الاتفاقية مع إيران بلا أسباب وجيهة وخطة عملية تستفيد منها المملكة؛ إنها تدرك أن إنهاء المعادلة الصفرية مع إيران ستكون له ارتدادات إيجابية؛ كثير من هذه الارتدادات ربما لا يكون أصلا ضمن الحساب الإيراني وقد يخرج عن سيطرتها سواء في اليمن أو غير اليمن.

 

بمعنى أن الصفقة مع السعودية في نظر الجمهورية الإسلامية ستساعدها على ترسيخ مكاسبها عبر اليمن وسوريا والعراق ولبنان، وهي النقاط الساخنة التي تمتلك فيها إيران نفوذا ذا تأثير كبير.

 

تحييد المملكة، من وجهة نظر إيرانية سيساعدها، على الأقل، في الحفاظ على الوضع الراهن في هذه الأماكن والإبقاء على مصالحها وزيادتها. مثلا استعادة العلاقات الدبلوماسية السعودية السورية تضع الأساس للدول العربية الأخرى للتصالح مع دمشق.

 

على الرغم من أن هذه الديناميكيات ستفتح أيضًا الباب أمام الرياض لممارسة نفوذها في هذه الأماكن، إلا أنها تلقائيا ستضيق الدعم الضمني لجماعات المعارضة المناهضة للأسد. بالمثل يمكن أن يقال عن مواقع أخرى من ضمنها اليمن، تعتقد طهران أن هذه الديناميكية الجديدة ستساعد في استقرار شركائها الإقليميين الرئيسيين على المدى الطويل، فسترحب بها مبدئيا.

 

إلى جانب ذلك، كما ثبت في حالة العراق؛ فرغم الوجود الأميركي حافظت طهران على نفوذها، ويبدو أن الإيرانيين واثقون من أن دخول السعودية الناعم إلى سوريا أو مناطق سيطرة "أنصار الله" في اليمن لن يعرض مصالح إيران للخطر بطريقة استراتيجية.

 

لكن هذا التصور ليس بالضرورة دقيقا كما يعتقد الإيرانيون، فانفتاح هذه الأماكن المغلقة سابقا على السعوديين قد يوفر فرصا غير مسبوقة لتغييرها إيجابيا من الداخل والتأثير على توازناتها الهشة أصلا والتي لم تصل إلى ما هي عليه ويقوى فيها النفوذ الإيراني إلا بسبب انغلاقها وعدم انفتاحها على خيارات أخرى غير إيران.

 

وهذه القوى المرتبطة مع إيران سواء في اليمن أو غيره ليسوا نسيجا واحدا بل فيهم من يعي عواقب الأفعال العدائية للجوار الضارة بهم على المدى الطويل، كما أن فيهم عناصر متشددة مرتبطة ارتباطا وثيقا بإيران. وعلى كل حال هذا الانفتاح السعودي على اليمن بكافة مكوناته لن يجعل حال اليمن أسوأ مما هو عليه سابقا.

 

إن هذه الحركات أو الأحزاب أو حتى الأنظمة المرتبطة بإيران والتي تستفيد من تفوق إيران في الطائرات دون طيار والصواريخ عالية التقنية، وعلى رأسها "أنصار الله"، تعلم أن هذا لن يدوم لفترة طويلة وأن المملكة العربية السعودية تطور تقنياتها الخاصة بالصواريخ والطائرات دون طيار بمساعدة صينية وتعمل مع الولايات المتحدة للحصول على قدرات دفاع صاروخي مضادة للطائرات دون طيار أكثر كفاءة.

 

وبالتالي، فمن مصلحة الحركة الحوثية أن تتوصل إلى اتفاق مع المملكة العربية السعودية الآن وتفاوض على خارطة طريق منطقية لمستقبل اليمن، قبل أن تنتهي ميزتها النسبية في الطائرات دون طيار الرخيصة والصواريخ منخفضة التكلفة والتي استخدمتها بكثافة طيلة السنوات الأخيرة الماضية.

 

لكن بالقطع فإن مواصلة الرياض تحسين دفاعها الصاروخي وقدراتها المضادة للطائرات دون طيار من خلال العمل مع الصين والولايات المتحدة وأوروبا وشركاء آخرين، وسعيها أيضًا إلى اكتساب التقنية النووية، وتعزيزها لصناعتها العسكرية المحلية، ستعتبره إيران وشركاؤها في اليمن مقلقا ومهددا لهم.

 

ستنظر طهران إلى برامج التطوير العسكرية السعودية على أنها تهديد للتوازن الدفاعي الهجومي الإقليمي؛ ولذلك فمن المرجح، رغم الاتفاق، أن تواصل الجهود لإطلاق تدابير مضادة مناسبة خصوصا في اليمن. على الرغم من أن طهران قد توافق مرحليا على الحد من تجهيز "أنصار الله" بأنظمة أسلحة هجومية جديدة ومتطورة، لكنها لن تتوقف عن دعمهم كركيزة ردع طالما أن إيران تفتقر في جيشها لبدائل نوعية. وبما أن التهديد الأميركي الإسرائيلي لإيران ثابت ومستمر وفي ازدياد.

 

فهذا يعني أن طهران ستواصل سياسة التحسين النوعي للقدرة العملياتية لما يسمى "محور المقاومة"، بما في ذلك تطوير الروابط العملياتية الأفقية بين الجماعات الشيعية المسلحة في المنطقة من اليمن وحتى الهلال الخصيب ورفع قدرات التنسيق والتشغيل البيني لديها.

 


خلاصة القول، الاتفاق بين السعودية وإيران لن يحل موضوع اليمن، لكن الدور الإيراني، بكل التحفظات المذكورة آنفا، مهم، فهذه سببية "ضرورية ولكنها غير كافية"؛ فالدور الإيراني ضروري ويجب أن يكون حاضرا لتحقيق نتيجة في اليمن، لكن وجوده ليس كافيا للحصول على تلك النتيجة، فموضوع السلام الشامل في اليمن أكثر تعقيدا ويرتبط بالداخل اليمني أكثر من الخارج، ولهذا نقاش آخر، لكن ما يهمنا في هذه المقالة هو الأعمال العدائية من اليمن تجاه المملكة. هنالك فرصة تاريخية حالية- على الأقل على المدى القصير- فتحت الباب مشرعا لتغيير الهيكل الأمني لمنطقة الخليج بطريقة تخدم أكبر دول شبه الجزيرة المملكة العربية السعودية واليمن.

الهاشتاج
رابط الفيس بوك

حميع الحقوق محفوظة ل مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية ---- برمجة وتصميم ALRAJIHI