26 أغسطس 2024 تحميل ملف pdf
مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية
مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية

جيوسياسية اليمن
التدخل الإيراني وتهديد أمن المنطقة !

* عقيد ركن / ياسر صالح
رئيس وحدة الدفاع والأمن والمخاطر بالمركز 

 

 

يستحوذ اليمن أهمية استراتيجية في الساحة الدولية على صعيد الجغرافيا السياسية (جيوبوليتيكا) وعلى الصعيد الاقتصادي، والموارد المتنوعة والبيئة المتعددة، والكثافة البشرية أيضاً..
لكن موقعها الاستراتيجي والحساس هذا ربما كان شؤماً عليها أيضاً، فصار الموقع هدفاً للتنازعات الدولية، ومحفزاً للمشاريع السياسية والعسكرية للحضور والتأثير، ووقعت اليمن بسبب الموقع هذا ولأسباب أخرى أيضاً في شراك الحروب والصراعات والأطماع.
واليوم تربض اليمن على مشارف الممر البحري الأهم عالمياً؛ وقبالتها تمخر القطع العسكرية من الغرب والشرق، لإظهار القوة والنفوذ والسطوة، بينما تقبع اليمن في آثار الحرب المدمرة التي كانت من غاياتها هذه البقعة البحرية.
   

1-  أهمية الموقع الإستراتيجية:

1-1   يتمتع اليمن بأهمية استراتيجية كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية بشكل خاص؛ فهو يشرف على باب المندب الذي يربط المحيط الهندي بالبحر الأبيض المتوسط، خاصة بعد افتتاح قناة السويس، الأمر الذي جعله مصدر اهتمام القوى الدولية على مر التاريخ حيث يمثل اليمن البوابة الجنوبية لمدخل البحر الأحمر ويتحكم بالممر الذي يصله بالمحيط الهندي، وهو عبر منطقة خليج عدن يحتضن كلاً من البحر الأحمر والمحيط الهندي من الخاصرة ويتحكم كذلك في طرق الملاحة البحرية المؤدية إلى آسيا، كما أن اليمن وبمساحته الجغرافية وكتلته البشرية يعد عمقاً وامتداداً أمنياً وسياسياً لدول الخليج العربي، وأي توتر أمني وعدم استقرار في اليمن يؤثر بالضرورة في أمن واستقرار دول الخليج والشرق الأوسط . 

1-2   يشكل باب المندب علامة فارقة في أهمية اليمن الاستراتيجية، وما يجعل الاهتمام بأمنه واستقراره مسألة لا تعني اليمن فحسب، وإنما دول الخليج الدول العربية بصفة عامة. وكل اصحاب المصالح الحيوية في المنطقة والعالم من جهة أخرى

يقول الدكتور علي عباس إن “اليمن يتمتع بأهمية جيوسياسية تتجلى بالموقع الجغرافي وما يختزنه هذا النطاق الجغرافي من ثروات وموارد طبيعية هامة (فوق الأرض وتحتها) إضافة إلى الإرث الحضاري والثقافي للشعب اليمني الأكثر تميزاً في شبه الجزيرة العربية”. 

“هذا من جانب؛ ومن جانب آخر ينطوي الموقع الجغرافي لليمن على أهمية استراتيجية تتجلى بإشرافه على مضيق باب المندب الذي يحتل المرتبة الثالثة عالمياً بالأهمية بعد مضيقي ملقا وهرمز، إضافة الى امتلاك اليمن للعديد من الجزر ذات الموقع المهم، التي تضاعف من الأهمية الاستراتيجية لموقعه البحري وبخاصة جزيرة سقطرى.  ويعد اليمن البوابة الجنوبية لمنطقة الشرق الأوسط. وبالتالي؛ فإن السيطرة على هذا الموقع الجغرافي والتحكم بمضيق باب المندب يعد حاجة استراتيجية لدى القوى العالمية الكبرى حالياً والصاعدة وفي مقدمتها الصين وروسيا، إضافة الى حاجته الموضوعية للقوى الإقليمية الكبرى المتنافسة والراغبة في توسيع نفوذها الإقليمي لضمان أمنها الإقليمي والاستراتيجي”. 

وختم بقوله “بناء على ما سبق يمكننا القول: إن مسار تطور الصراع الراهن في اليمن ومن ثم حسمه سيسهم بشكل فاعل في التشكل الجديد للنظام الدولي الراهن الآخذ في التحول”. 

ويشير الباحث مهران غطروف:“في الواقع تكمن الأهمية الذهبية لموقع اليمن الجيواستراتيجية في تكونه من جبهتين مائيتين، تمتدان على مسافة وقدرها 2500 كم الأولى تطل على بحر العرب وخليج عدن جنوباً، والثانية على البحر الأحمر غرباً.  وضاعف من أهمية موقع اليمن انتشار جزره البحرية في مياهه الإقليمية على امتداد بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر.  كجزيرة بريم المطلة على مضيق باب المندب والذي زادت أهميته البحرية بعد إنشاء قناة السويس حيث أصبح بدوره أحد أهم المضائق المائية العالمية، باعتباره يشكل “عنق الزجاجة” بالنسبة للبحر الأحمر والمتحكم بالطرق التجارية بين الشرق والغرب”. 

ويضيف “بحسب المعطيات يمر عبر باب المندب يوميا، ما نسبته 4% من الطلب العالمي على النفط وما يعادل نسبته أيضا ١٠% من الشحنات التجارية العالمية. هذه الخصائص، جعلت باب المندب يحتل المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيق هرمز ومضيق ملقا من حيث كمية النفط التي تعبره يومياً ما زاد في أهميته الاستراتيجية وقيمته الاقتصادية.  ليجعل ذلك بدوره من موقع اليمن الجيواستراتيجي اليوم ساحة صراع محلي — اقليمي — دولي لأنه يجعل من الجهة المسيطرة عليه لاعباً أساسياً في المنطقة والعالم ويمنحها القدرة على التحكم بمدخل أحد أهم المعابر المائية العالمية”. 

2-   الثروات المائية والباطنية:

يتربع اليمن على احتياطات نفطية وغازية كبيرة جداً يمتلك اليمن خزانات نفطية في المياه الاقليمية ضخمة ما يبين أن احتياطات النفط غير المستغلة في اليمن هي كبيرة ودفعت الحرب في اليمن إلى تعزيز التواجد العسكري الدولي في المنطقة حيث توجد قواعد عسكرية من دول مختلفة في المنطقة بهدف حماية مصالحها الاستراتيجية اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً إلى جانب انتشار واضح لأساطيل الدول العظمى والإقليمية والقوى الكبرى لمراقبة خليج عدن وحماية الممر المائي من عمليات القرصنة والهجمات الحوثية على السفن التجارية في طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي منذ نوفمبر 2023م جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فضلاً عن تطورات الحرب في اليمن الذي يواجه صراعاً وحرباً تدور رحاها بين قوى محلية مدعومة إقليمية ودولية. 

3-  التهديد الحوثي وتبعيته: 

تجاوزت جماعة الحوثي في اليمن وصفها بخطر أو تحدي وافقها منذ نشأتها في ثمانينات القرن الماضي مروراً بحروبها الستة ضد الدولة في اليمن بين عامي 2004م حتى عام 2010م. وقد عمل النظام الإيراني على ايجادها في هذه الرقعة الجغرافية ليضيف إلى مشروعه من خلالها أهمية جيوسياسية على المستوى الإقليمي والدولي لتحقق جغرافية إيران ومنها منطلقاً لمشروعها التوسعي، وأوكلت إلى الحرس الثوري الذراع الطولي للمرشد الإيراني والإشراف على هذه الجماعة عبر فيلق القدس الذراع الخارجي لهذا النظام وهذا ما جاء على لسان حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني في تاريخ 02/يناير/2024م، في ذكرى مقتل قاسم سليماني مستغلة البعد العقائدي الشعبي لترسيخه الهوية. 

3-1   باتت جماعة الحوثي منذ انقلابها على السلطة في صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، تهديداً فعلياً على المستوى المحلي والإقليمي ومنذ بداية عملياتها العسكرية في البحر الأحمر مثلت تهديداً دولياً بعد هجماتها على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي وصولاً الى المحيط الهندي. 

3-2   هاجمت الجماعة الحوثية كافة المحافظات اليمينة فور انقلابها وتمكنت الحكومة اليمنية من التصدي لهجماتها واستعادة (78%) من جغرافية اليمن بالتعاون مع التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي نشأ في 26/مارس/2015م، بقيادة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وبقية الدول، فوقفت عملية استعادة محافظة الحديدة في نوفمبر 2018/ بضغوط دولية بحجة الدواعي الإنسانية، واستفادت من ذلك إيران والجماعة الحوثية، بعد أن كانت وصلت القوات الحكومية الى داخل مدينة الحديدة وعلى بعد 3كم من ميناء الحديدة. 

3-3   استفادت إيران والجماعة الحوثية من هذا التوقف والانسحاب إلى تحويل الحديدة لقاعدة عسكرية متقدمة للحرس الثوري الإيراني على البحر الأحمر حيث يقود وتشرف قيادته على التصنيع والتهريب للقدرات العسكرية الإيرانية إلى اليمن وتهدد الأمن والسلم الدوليين. 

3-4    زود الحرس الثوري الإيراني الحوثيين بمختلف الأسلحة التي يحتاجونها وبالإسناد اللوجيستي والدعم الاستخباراتي اللازم بما في ذلك سفنهم المتواجدة في المياه الدولية مثل سفينة صافر، وبهشاد، والمدمرة البيزر، والمدمرة جماران، الأهم من ذلك أن الحرس الثوري نقل تقنية صناعة الصواريخ والطيران المسير إلى الداخل كما جاء في تصريح المتحدث بإسم وزارة الدفاع الإيرانية في عام 2019م، دليلاً على أهمية اليمن بالنسبة لهم وتبعية الجماعة الحوثية لهم والاستفادة من القدرات وورش التصنيع التي سيطر عليها الحوثيين من الجيش اليمني، ولضمان وتيرة التصنيع يشرف الحرس الثوري على عمليات التهريب وشبكاته، وتوصيل المعدات اللازمة للتصنيع الحزبي الذي يقوم به الخبراء الإيرانيين  في اليمن.    

3-5   عكست القدرات العسكرية الإيرانية والجماعة الحوثية بعملياتها العسكرية في البحر الأحمر مدى التهديد الكبير الذي يمكن إحداثه على الأمن والسلم البوليسي وهجماته على الدول المجاورة كمهدد للأمن الإقليمي وإمكانية جر المنطقة إلى حرب وصراع، وإمكانية تأطيره ضمن صراع النفوذ العالمي بتحالفه مع أي طرف من أطراف الصراع الدولي في هذا العقد أو تمتد آثاره الى مختلف الأصعدة، وآثارها المدمرة بما فيها خدمة مشروعه التوسعي في المنطقة وأفريقيا والساحة الدولية. 

3-6   استغل الحرس الثوري والجماعة الحوثية حرب غزة لتنفيذ العمليات في اليمن بحجة الدفاع على القضية الفلسطينية ، واتضح أن هذه العمليات لن توقف، وستكون حاضرة تحت أي مسمى آخر في إطار تعزيز نفوذها وفرض شروطها في صراعها الدولي، واستغلاله كورقة ضغط وتوجيهه لخدمة مصالحه في ظل المعركة الجيوسياسية بين الأطراف الدولية، الأمر الذي يجعل من الشرق الأوسط مسرحاً، لهذا الصراع وتعميق أزماته مستغلاً المحددات التي وضعتها الإدارة الامريكية الحالية بعدم توسيع رقعة الصراع وتفضيل سياسة الاحتواء

  

4-  استراتيجية إيران في اليمن وأبعادها:

اتسمت سياسة إيران من علاقاتها الدولية بما يسمى (حافة الهاوية والنفس الطويل) ولكنها منذ  أعلن نظامها هويته التوسعية في المنطقة تحت مسمى تصدير الثورة نظراً لأهمية المنطقة المشروعة من الناحية الجيوسياسية والعقائدية الدينية القائم عليها هذا النظام، ولمواجهة التهديدات لمشروعه إرتكز في استراتيجية الخمسينية أو ما ذكره (لاريجاني)  مستشار الخميني زعيم الثورة الإيرانية، في كتابه أوراق سياسية على خارطة هلال شيعي، حول منطقة الخليج والأراضي المقدسة وتشكيلها بما يعرف اليوم (بالمصدات) عبر أذرعه ووكلاءه في العراق وسوريا ولبنان واليمن ليمثلوا مصدات للجغرافيا الإيرانية  وجاء ذلك على لسان على خامنئي عندما قال بأن من يريد الهجوم على الأراضي الإيرانية عليه أولاً تجاوز المصدات، إشارة إلى أذرعه في المنطقة وتأكيده أمام مجلس الخبراء والفريق التفاوضي في عام 2023م، بأن يتقاضوا مع المجتمع الدولي حول الملف النووي الإيراني، ورفضه قطعياً لطلب المجتمع الدولي في التفاوض حول ملفي البرنامج الصاروخي وأذرعه في المنطقة، بل أكد في حفل تنصيب الرئيس السابق إبراهيم رئيسي على أهمية دعم الأذرع كأحد محددات الأمن القومي الإيراني، وتؤمن لإيران هذه الاستراتيجية الابعاد التالية: 

4-1  باعتبار اليمن أهم  الأذرع الإيرانية والأهمية الجيوسياسية لليمن استطاع تحقيق البعد الاستراتيجي العسكري والأمني في تأمين مصدات للجغرافيا الإيرانية  من أقصى الشمال الغربي إلى أقصى الجنوب الغربي لإيران، وتأمين محاور الاقتراب العسكرية وتحييد القواعد العسكرية المنتشرة في المنطقة وكذلك الموجودة في غرب افريقيا بوجودها ضمن نطاق نيران القدرات العسكرية الموجودة في اليمن وضمان مشاركتها وتأثيرها في أي صراع مع خصومها الإقليميين أو الدوليين، بما في ذلك المعركة البحرية في البحر الأحمر  والبحر العربي والمحيط الهندي وخليج وباب المندب لأهميته، علاوة على تأثيره المباشر في مياه الخليج العربي المطلة عليه إيران، ورفع مستوى التهديد لأي قوات بحرية قد تشتبك معها مستفيدة من خسارتها المدوية لمعركتها البحرية عام ١٩٨٨م ضد القوات الأمريكية.  وسعياً للوصول لتحقيق عمق أمن قومي لإيران على بعد 500كم كما جاء على لسان مستشار المرشد للشؤون الاستراتيجية اللواء رحيم صفوي في تصريحه بتاريخ 12/06/2024م، وهذا ما تحققه الجماعة الحوثية بالاستفادة من الجغرافيا اليمنية 

4-2  كسب التأييد الشعبي في المنطقة العربية والإسلامية عبر موقف أذرعها وأبرزهم
 الحوثي تجاه القضية الفلسطينية كونها تمثل القضية المحورية الأولى للأمة
العربية في ظل تراجع المواقف العربية الرسمية في هذا الصدد دون تحمل أي تبعات أو
مواجهات مباشره ومشاركة فعليه بجيشها أو تعريض جغرافيتها لأي تهديد تحت إدعاء
أن أذرعها تتمتع باستقلالية القرار وتكتفي بتحقيق المكاسب السياسية على مختلف
الأصعدة السياسية. 

4-3  شن العمليات العسكرية (حرب الوكالة) عبر أذرعها أذرعها بعيداً عن حدودها الجغرافية لتحقيق مشروعها التوسعي دون أن تخسر شيئا سوى الأسلحة التي تدعم بها أذرعها مقابل أن تعم الفوضى في المنطقة الـ أهم رقعة جغرافية، وتحقق لها الكماشة على المنطقة العربية، واعتبار سيطرة أذرعها في الدول العربية بسقوط الدول بين أيديها كما جاء في تصريح متحدث خارجية إيران بإعلانه بسقوط العاصمة الرابعة ويعني بها صنعاء، في اطار استكمال المشروع والسيطرة على منطقة شبه الجزيرة والأراضي المقدسة في السعودية، مستغلة حرب غزه والعدوان الإسرائيلي عليها. 

4-4  ابراز قدرتها على تهديد الاقتصاد العالمي بوقف إمدادات الطاقة المصدرة من المنطقة والتي تعبر مضيقي هرمز وباب المندب مما يضيف لها قوة على طاولة التفاوض في الملف النووي مع العالم، والملفات الأخرى العالقة وفرض نفسها كرقم صعب في معادلة الأمن والسلم الدوليين، وفرض شروطها وإرسالها للخصوم الإقليمين بشكل أساسي والدوليين، وتعزيز النفوذ في سباق التسلح والهيمنة والمشاركة كحليف لأحد أقطاب التنافس الدولي والمعركة الجيوسياسية بين الأطراف الدولية كفاعل رئيسي في منطقة الشرق الأوسط، يتبين ذلك في تصريح وزير الدفاع الإيراني في 14/12/2023م، حذر فيه محمد رضا أشتياني الولايات المتحدة الأمريكية من أنها ستواجه مشاكل استثنائية إذا أرادت تشكيل قوة بحرية لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر وأكد أنه لا يمكن التحرك في منطقة اليد العليا فيها إيران، وذلك استناداً على وجوده في اليمن وُجهت الجماعة الحوثية بتنفيذ هجماتها منذ نوفمبر 2023م، على السفن التجارية في البحر الأحمر  و البحر العربي وخليج عدن وتهديد خطوط الملاحة الدولية . 

4-5  بفضل وجودها في اليمن عزز وجودها في ثالث أهم مضيق في العالم وتعزيزه في البحر الأحمر كنقطة انطلاق في قارة أفريقيا وامتداد نفوذها، وقد سعت خلال الشهرين الماضيين جاهدة الوصول إلى اتفاق مع السودان في إنشاء قاعدة عسكريه على البحر الأحمر مستغلة حاجه حكومة السودان للدعم العسكري في حربها ضد قوات الدعم السريع، وكذلك وجودها في القرن الأفريقي في الصومال وصولاً إلى أوغندا ودول أخرى عبر جماعات تربطهم شبكة مصالح مع الحرس الثوري الإيراني. 

  

5-  المكاسب الحوثية:

·       مثلت حرب غزة فرصة ثمينة للحوثيين لتحقيق مكاسب ، أبرزها:

1-  تحريك عملية السلام في اتجاه إرادتهم السياسية المتصلبة ومن خلفهم إيران، أو العودة الى مسلك الحرب وتسجيل موقف صلب تبرزهم كقوة عربية شجاعة مقابل إحجام الدول العربية عن اتخاذ مثل هذا الموقف. 

2-  إدراك الحوثيين حرص السعودية على اتفاقية المصالحة مع إيران كمتغير إقليمي سياسي يسعى من خلاله تضييق الخيارات أمام الحكومة اليمنية، بدفع المملكة للضغط على الحكومة للتسليم بمطالبهم والدخول في عملية السلام بتعزيز صمود المصالحة السعودية الإيرانية وسعي المملكة إخماد بؤر التوترات التي تؤثر على رؤية 2030م، ومشاريعها العملاقة. 

3-  السعي لإضفاء الشرعية الداخلية والخارجية المفتقدة للجماعة الحوثية والاعتماد على الشرعية الشعبية. 

4-  محاولة تحويل شعار الصرخة المنتقد للمصداقية من عامة الناس إلى ممارسة واقعية واستغلال الزخم الشعبي لصالحه مستغلاً أي رد إسرائيلي عليه ليخرج به من حالة الاحتقان والسخط الشعبي المتصاعد ضده قبل حدوث حرب غزة والعدوان الإسرائيلي عليها. 

5-  ترهيب الخصوم السياسيين في اليمن وقدرة الجماعة التي تصل إلى إسرائيل كورقة ضغط إضافية على طاولة المفاوضات. 

6-    تقديم نفسها داخل محور المقاومة كقوة هامة مؤثرة  بتبنيها العمليات والتصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن البحر العربي والشراكة في عمليات البحر المتوسط وذلك لزيادة الدعم المقدم لها من إيران وتطوير قدراتها. 

7-  فرض نفسها أمام أصحاب المصالح الحيوية في المنطقة بأنها تهديد قوي قد يطال تأثيرها المباشر بعملياتها في خطوط الملاحة الدولية وأثرها على مختلف الأصعدة. 

8 - مثلت العمليات العسكرية في البحر الأحمر فرصة ثمينة لتجريب القدرات العسكرية الإيرانية والاستفادة من النتائج في عمليات التصحيح في إدارة نيرانها وتطويرها 

  

6-    التداعيات: 

·       التدخل الإيراني في اليمن. (الآثار الجيوسياسية وانعكاساته على الأمن الإقليمي): 

أدى تدخل الحرس الثوري الإيراني في الحرب الدائرة في اليمن إلى تداعيات جيوسياسية بعيدة المدى، مما أثر بشكل كبير على الأمن والاستقرار الإقليميين. فتدخل الحرس الثوري له أبعاد متعددة الأوجه في اليمن وكذلك له تداعياته على كافة منطقة الشرق الأوسط. 

1.     تصعيد التوترات الإقليمية وحروب بالوكالة:

حوّل الدعم المعلن من الحرس الثوري للحوثيين اليمن إلى ساحة قتال بالوكالة، مما أدى إلى تفاقم التوترات الإقليمية بين إيران ومنافسيها، لاسيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وحالياً امتدت التوترات لتشمل الولايات المتحدة، بريطانيا ودول الاتحاد الاوروبي. وقد غذت الحرب بالوكالة هذا الصراع، مما أدى إلى إطالة الأزمة الإنسانية وإعاقة آفاق الحل السلمي. 

2.     المخاطر التي تهدد الأمن البحري والملاحة:

يشكل دعم الحرس الثوري للهجمات الحوثية على السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر ومضيق باب المندب تهديدًا كبيرًا للأمن البحري والتجارة الدولية. وقد عطلت هذه الهجمات طرق الشحن العالمية، مما أثار مخاوفاً بشأن تعطل إمدادات النفط، الغاز، الغذاء، ومن ثم التصعيد المحتمل مع القوى الإقليمية والدولية. 

  

3.     زعزعة استقرار الدول المجاورة وتأثيرات جانبية:

امتد الصراع في اليمن إلى دول الجوار، ولا سيما المملكة العربية السعودية، التي تعرضت لهجمات حوثية عبر الحدود وهجمات بطائرات بدون طيار. وقد أدى هذا التأثير الجانبي إلى زيادة التوترات الإقليمية وأثار مخاوف بشأن احتمال حدوث زعزعة أمنية أوسع. 

4.     تداعيات على سباق التسلح الإقليمي وتعزيز القدرات العسكرية:

أدى تدخل الحرس الثوري في اليمن إلى اندلاع سباق تسلح إقليمي وتعزيزات عسكرية، حيث تسعى الدول إلى تعزيز قدراتها الدفاعية استجابة للتهديدات المتصورة. وقد أدى سباق التسلح هذا إلى زيادة خطر سوء التقدير والمواجهات العسكرية المحتملة. 

5.     التحالفات الإقليمية والعسكرية

كذلك أدى تدخل الحرس الثوري في اليمن إلى ظهور تحالفات عسكرية جديدة في الإقليم، أولها التحالف العربي، ثم تحالف الازدهار وأخيراً محور المقاومة، الأمر الذي يعقد الخارطة الأمنية ويزيد من كثافة الوجود العسكري في المنطقة، وبالأخص عسكرة البحر الأحمر الذي يتخطى تأثيره منطقة الشرق الأوسط الكبرى ليمتد الي القارة الافريقية. 

6.     إعاقة جهود الحل السياسي والصراع المتفاقم:

قوض دعم الحرس الثوري للحوثيين الجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي للصراع، حيث أدت مطالبهم التعجيزية وعدم رغبتهم في تقديم تنازلات إلى إطالة أمد الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية. 

7.     الأزمة الإنسانية ومعاناة المدنيين:

نتج عن الصراع في اليمن أزمة إنسانية مدمرة، حيث يواجه الملايين انعدام الأمن الغذائي والنزوح والهجرة، والوصول المحدود إلى الخدمات الأساسية. وقد أدى استمرار دعم الحرس الثوري للحوثيين إلى تفاقم هذه الأزمة، حيث استهدفت أعمالهم العسكرية البنية التحتية المدنية وأسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين على نطاق واسع. 

  

  

  

خلاصة:

1-   التهديد الحوثي سيبقى حقيقة مطلقه طالما يمتلك جغرافيا يناور عليها وبها، ومهما حاول خصومه المحليون أو الإقليميون أو الدوليون الوصول الى حلول ترسخ الأمن والإستقرار بوجوده كشريك فيها، لن يقبل وسيظل يمارس الابتزاز السياسي واختلاق الصراع والتصعيد تحت أي مبرر خدمة لمشروعه ومشروع إيران دون الاكتراث للمصلحة الوطنية أو الإقليمية أو الدولية. 

2-    استعادة الدولة ومؤسساتها من أيدي الجماعة الحوثية ووجود سلطه تحترم القوانين والأعراف الدولية هو السبيل الوحيد لاستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة كون اليمن تعد عمقاً للأمن القومي في المنطقة والمشاركة في حفظ الامن والسلم الدوليين، وحتى لا يبكون اليمن فردوساً مفقودا. 

3-  إن وجود المشروع الاسرائيلي والايراني واطماعهما التوسعية في المنطقة سبباً رئيسياً للحروب وزعزعه أمن واستقرار المنطقة والعالم نظراً لأهميه المنطقة للعالم أجمع لذا يجب كبح جماح المشروعين من المجتمع الدولي وارساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة. 

4-   إن كل المشاريع الاستراتيجية الطموحة في الدول العربية لن تحقق في ظل التوتر ووجود مشاريع مضادة لها وتسعى للسيطرة عليها وخلقت الازمات والصراعات المستدامة. 

5-    استمرار تدفق الأسلحة والدعم الايراني إلى اليمن ووجود جماعه الحوثي مسيطرة على رقعة جغرافية متفرداة بها؛ يعني وجود تهديد يمس الامن القومي للمنطقة وله آثاره على العالم. 

6-    تعاظم تهديد الأمن البحري وطرقه التجارية، يفسح المجال امام الفواعل العنيفة ما دون الدوله في نشاط القرصنة وتهديد الممرات الحيوية وطرق التجارة الدولية.

الهاشتاج
#اليمن #الحوثي
رابط الفيس بوك

حميع الحقوق محفوظة ل مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية ---- برمجة وتصميم ALRAJIHI