10 مايو 2018 تحميل ملف pdf

عبدالقادر الجنيد

 

٦ أكتوبر ٢٠٢٣

 الجزء الأول

 

يكاد يتحدث الجميع عن:

١- ضرورة التوصل إلى حل تفاوضي سلمي شامل ونهائي في اليمن.

 

٢- أن أي حرب تنتهي في الأخير بمفاوضات.

 

٣- ضرورة حسن النية والأخلاق والوطنية والإنسانية.

 

عدد من الذين يتداولون هذا الرأي، كان رأيهم مختلفاً في بداية حرب اليمن.

 

والشرعية اليمنية والسعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا ومجلس الأمن والمجتمع الدولي، كانوا يقرون بضرورة:

 

١- إنهاء انقلاب الحوثي الذي تم في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م.

 

٢- العودة إلى الفترة الانتقالية والعملية السياسية التي كانت تحت رعاية الأمم المتحدة.

 

٣- التوصل إلى نظام سياسي مستقر ودائم في اليمن بحسب المرجعيات الثلاث والدستور المكتوب على أساس مخرجات الحوار الوطني.

 

ومن هنا سنبدأ ببحث ما حدث خلال تسع سنين، بعدها سننتقل إلى المخاوف من السقوط، وعندها يمكن استنتاج ما العمل المطلوب لتجنب الانهيار.

 

أولاً: حصاد تسع سنين:

 

ما الذي حدث خلال تسع سنين:

 

١- العصبيات والشعب:

الذي حدث، أن الحوثيين استندوا إلى العصبيات الشمالية الثلاث: الهاشمية الشمالية، والقبلية الشمالية، والمناطقية الشمالية، وجهاز أمن وجيش الرئيس صالح واستفادوا من تكتيكات واستراتيجيات وتسليح من حزب الله الشيعي اللبناني والحرس الثوري الإيراني، واستطاعوا الاستيلاء على كثير من مقدرات الدولة والأرض، وتصفية شريكهم، وإضعاف الشرعية، ثم نقل المعارك إلى داخل الحدود السعودية وإحياناً إلى عمقها.

 

المؤسف؛ في الجهة المقابلة كان هناك تيار شعبي هائل يؤيد الشرعية اليمنية والتحالف الداعم لها بقيادة السعودية، لكن بسبب الإخفاق والإدارة الضعيفة لأمور الناس وللحكومة وللحرب؛ نتج عن ذلك انكسارات ومعاناة، حيث فقد كثير من الناس الثقة وتراجع الأمل.

 

ورغم ذلك الإحباط العام بسبب هذا الضعف والأداء، لم يتحول الناس - ولا يمكن ذلك-  باتجاه الحوثيين والإيرانيين.

 

٢- المقارنة بين مساندة إيران ومساندة التحالف:

 

الذي حدث، أن كلاً من حزب الله الشيعي اللبناني والحرس الثوري الإيراني، بتوجيه نظام إيران، ساندوا الحوثيين بأقصى ما لديهم، وزودوهم بخبراتهم وتكتيكاتهم وبفنون الحرب اللامتماثلة التي يمارسونها منذ عام ١٩٧٩م، في العراق وسوريا ولبنان، تبعاً لانتمائهم الأيديولوجي للمشروع الإيراني، بغرض أن يكرروا أفعالهم المعتادة مرة أخرى من اليمن ليتمكنوا بعدها من السيطرة على البلاد تمهيدًا للقفزة التالية لأي طموح جديد أو أي فرص سانحة في المستقبل.

 

بالمقابل كانت مساندة التحالف السياسية والمادية والعسكرية كبيرة وعظيمة، ولكن هذا لم يكن كافياً، حيث هناك تشتت في أطراف الشرعية، وتنازع، وقلة خبرة، وضعف في التعامل مع نخب الشرعية.

 

٣- تغيير المعادلات:

 

الذي حدث، أن الطائرات المسيرة الإيرانية ضربت المنشآت النفطية والمدنية في أعماق السعودية والإمارات، في محاولة لدفعهما للانسحاب من حرب اليمن.

 

٤- قلة الانسجام السعودي الإماراتي، وصنمية الاتباع الإيراني:

 

ظهر عدم وضوح وضعف تفاهم في العلاقة بين القيادات السياسية والعسكرية لكل من الشرعية اليمنية والسعودية والإمارات، ولم يكن هناك انسجام تام في العمل معاً، وربما لم يتمكنوا جميعاً من توحيد الجبهات، وتحشيد كل الفئات وراءهم.

 

وهذا بعكس التناغم والانسجام الشديد بين الحوثيين وميليشيا حزب الله اللبناني وميليشيا الحرس الثوري الإيراني والتأييد المطلق من النظام الإيراني.

 

والفارق الجوهري هنا أن العلاقة بين إيران وأذرعها هي علاقة التابع بالمتبوع، وهي علاقة الأيدلوجيا المتطرفة، بعكس علاقة التحالف بالشرعية التي هي علاقة شراكة وتنسيق.

 

وإذن؛ كيف يمكن التوصل إلى سلام تفاوضي بين طرف منسجم وصارم في علاقته وطرف آخر تسود علاقة أقطابه التباين.

 

٥- اختراق إيران للغرب:

 

الذي حدث، أنه حدث اختراق إيراني بالنخب الإيرانية المثقفة، والأكاديميين الذين يعيشون في الغرب لمراكز الدراسات والتفكير الليبرالية في أوروبا وأمريكا ومجموعة الأزمات الدولية واليساريين في الكونجرس الأمريكي (بيرني ساندرز وكريس مورفي، وغيرهم) وهذا خلق تيارًا أدى بالرئيس الأمريكي بايدن فور توليه لمنصبه لاعتماد توجهاتهم، بضرورة إرضاء الحوثيين والإيرانيين والخضوع لابتزازاتهم واعتماد الأمر الواقع بتقبل وجود خمسة كانتونات وخمسة لوردات حرب يكون الحوثي بينهم.

 

بينما الشرعية اليمنية لم تنجح في توحيد صفوفها، وكذلك السعودية والإمارات، لم يحققوا ما أعلنوه في مواجهة الحوثيين والإيرانيين في حرب اليمن.

 

وكنا ننبه أشقاءنا في السعودية لهذا النشاط منذ ٢٠١٦م،ونحذر أهلنا في الشرعية اليمنية لهذا النشاط منذ ٢٠١٦م، ولم يؤخذ الأمر بجدية.

 

وإذن؛ كيف يمكن التوصل إلى سلام تفاوضي مع افتخار الحوثيين والإيرانيين بقدراتهم على توجيه قواعدهم ونخبهم بصرامة، بينما تعتمي أبصار الشرعية عن مؤيديها.

 

٦- فكرة المجلس الرئاسي:

 

تم تشكيل مجلس الرئاسة القيادي اليمني بأعضائه الثمانية وتعيين رئيسا له، لأجل ترتيب بيت الشرعية وتوحيدها.

 

ربما كان كان هناك مشروع لمجموعة الأزمات الدولية بتقسيم اليمن إلى خمسة كانتونات بحسب الأمر الواقع على الأرض والترويج لنجاح الفكرة بإعطاء زعماء الفصائل مزايا سلطوية سياسية ومعنوية ومادية. ويمكن الإشارة إلى أنه وجهت دعوة للحوثي لينضم للمجلس الرئاسي تحت رئاسة د. رشاد العليمي، لكنه لم يستجب.

 

يجب أن نتذكر هنا أن مجموعة الأزمات الدولية- في ٢٠١٧م-  كتبت دراسة عن اعتماد الأمر الواقع بحسب وجود الفصائل المختلفة على الأرض اليمنية وتقسيم اليمن إلى خمسة كانتونات، وكانت أيام الخبير في شؤون اليمن بيتر سالزبري وكان قد غرد في تويتر حينها أن بعض ما جاء بالتقرير كان ضد رغبته.

 

نشير إلى أن رئيس مجموعة الأزمات الدولية حين كتابة التقرير، هو روبرت مالي الذي عينه الرئيس بايدن بعد ذلك رئيساً لمفاوضي أمريكا في إعادة الإتفاق النووي مع إيران والذي تم توقيفه حالياً من قبل وزارة الخارجية الأمريكية وثبت أنه كان من قبل ومازال الآن في منصبه الحالي، مخترقاً للغاية من قبل إيران والخبراء الإيرانيين في الغرب.

 

ونذكر هنا أن دراسة منظمة سيمافور الصحافية بالتعاون مع منظمة إيران في المهجر أصدروا تقريراً قبل أسبوعين يؤكد أن مجموعة الأزمات الدولية كانت مخترقة بالأكاديميين الإيرانيين وأن إدارة الرئيس بايدن عينت أكاديمية إيرانية تحمل الجنسية الأمريكية في مكتب مساعد وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، أي أن هناك نكهة إيرانية وتأثير في سياسة أمريكا نحو اليمن.

 

أي أن الأساس الفكري، والتحليلات الجغرافية السياسية، والخطط الاستراتيجية التي على أساسها وضعت أمريكا سياستها نحو إنهاء حرب اليمن، كانت مشغولة بأفكار الخبراء الأكاديميين الإيرانيين من حملة الجنسية الأمريكية الذين جندهم وزير خارجية إيران جواد ظريف لاختراق مراكز رسم السياسات الغربية.

 

وما نود أن نشير إليه هو أن الرطانات الجديدة المنتشرة لحل الصراع في اليمن بحسن النية والأخلاق والوطنية والإنسانية والأمر الواقع على الأرض - التي ترددها كثير من الأطراف الدولية-  قد تلائم رغبات إيران، التي هي في الحقيقة عدوة الجميع.

 

وربما حققت إيران نجاحاً ما بتفكيك صفوف المناوئين للحوثيين، وأربكت مكونات الشرعية اليمنية، وشوشت على الحلفاء.

 

وفوق هذا ربما نجحت إيران في تجنيد الليبراليين واليساريين الأمريكيين والأوروبيين للإساءة لسمعة السعودية وهكذا رفعت من معنويات الحوثيين وأضعفت معنويات اليمنيين.

 

وإذن؛ كيف يمكن التوصل إلى سلام تفاوضي بينما يرى الحوثيون والإيرانيون قدراتهم في التأثير على الرأي العام الغربي واختراق مراكز الدراسات ورسم السياسات في أوروبا وأمريكا، وفي تأجيج اليساريين والليبراليين ضد السعودية، بينما لم تستطع الشرعية والتحالف التأثير بذات القدر.

 

٧- الإمارات:

 

الذي حدث، أن الإمارات خرجت من الحرب في اليمن عسكرياً، وظلت سياسياً تدعم أعضاء في مجلس القيادة، وتشجع المجلس الانتقالي الذي يقود مشروع الانفصال عن الدولة اليمنية، وربما عثّر ذلك من وجود الشرعية اليمنية في المحافظات الجنوبية، وأضعف الحكومة من أن تجعل من الجنوب أرضية لحشد الشماليين والجنوبيين على السواء لتحرير اليمن من الحوثيين ومن النفوذ الإيراني، وتلك المشكلات الجانبية شتت انتباه اليمنيين عن القضية الرئيسية، ولعله ذلك صب في مصلحة الحوثي، كذلك التصرفات في جزيرة سقطرى اليمنية.

 

٨- السعودية :

أرسلت السعودية سفيرها محمد سعيد آل جابر إلى صنعاء، لحل المشكلة اليمنية، بناء على مبادرات سابقة لها، ولتكون وسيطاً بين الحوثيين وبقية اليمنيين.

 

وتمثل السعودية الداعم الأساس للشرعية، وقائدة عاصفة الحزم لإعادتها.

 

٩-  تكتيك إيران في ممارسة الصراعات:

 

تمتلك إيران مخزوناً من المناورة والتكتيك في خوض الصراعات من تجاربها في الاستيلاء على لبنان وسوريا والعراق.

 

ولذلك انتزعت إيران مكاسب لها وللحوثيين في اليمن.

 

فأمدت الحوثيين بالسلاح والممكنات بشكل مستمر، رافضة كل القرارات الدولية ضد ذلك، حتى استطاع الحوثيون توجيه ضربة لميناء الضبة، فتوقفت الحكومة الشرعية عن تصدير النفط على إثرها.

 

كما استمرت إيران في ابتزاز الخليج في حقل الدرة، واستمرار الحوثي باستهداف العسكريين آخرهم من البحرين على الحدود اليمنية السعودية.

الهاشتاج
تجربة_الهاشتاج
رابط الفيس بوك

حميع الحقوق محفوظة ل مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية ---- برمجة وتصميم ALRAJIHI