* د.خالد عبد الكريم
رئيس المركز الدولي للإعلام والتنمية- فرنسا
تمهيد
قد يتساءل البعض ما هي المرافق والخدمات العامة ؟ وما دورها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟
بإيجاز هي خدمات الرعاية الصحية والتعليم، والطاقة الكهربائية، والمياه، والاتصالات وتقنية المعلومات، والموانئ، والطرق، ومشاريع مكافحة الفقر. كتب البروفيسور الفرنسي أنطوني تيلفيت Antony Taillefait في كتابه الموسوم ( قانون الخدمة العامة) الطبعة التاسعة 2022. « تعمل الخدمات العامة وفق مبادئ رئيسية أهمها الاستمرارية (الاستجابة دون انقطاع أو انقطاع محدود). والمساواة بين المواطنين في الوصول إليها. والإعتناء بالمصلحة العامة. وإشراك القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام في مجالات الصحة والتعليم والطاقة ».
ويتطابق مع المرافق والخدمات العامة مصطلح البنى التحتية وهو مصطلح حديث نسبياً، إذ كان يشير بوجه عام إلى الجسور والطرق والموانئ واتسعت مدلولاته لتشمل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وبنى أخرى غير مادية . بوجه عام يمكن التمييز بين الخدمات العامة الاقتصادية والخدمات العامة الاجتماعية . الأولى أساس عمليات الإنتاج، تساهم بشكل مباشر في العملية الإنتاجية على شكل مدخلات مباشرة كالطاقة الكهربائية والموانئ، أو تساهم بشكل غير مباشر من خلال تمكين أفراد المجتمع من أداء أدوارهم في العملية الإنتاجية مثل الطرق وخدمات النقل .
أما الخدمات العامة الاجتماعية فتشير إلى الخدمات ذات الطابع الاجتماعي وإن كان لها مضمون اقتصادي مهم مثل الخدمات الصحية والخدمات التعليمية التي لها آثار مباشرة وغير مباشرة في الأداء الاقتصادي ونمط الحياة.
وللحكومات دور رئيس في توفير البنية التحتية والخدمات العامة، لعدد من الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إذ لايمكن أن توفر قوى اقتصاد السوق خدمات عامة بالقدر المطلوب اقتصادياً واجتماعياً . وهناك عوامل إضافية تجعل الدور الحكومي في مجال المرافق والخدمات العامة ريادياً منها ضرورة تقويم التداعيات المالية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية للخيارات المختلفة لإنتاج مشروعات الخدمات العامة التي تتميز بطول العمر الإنتاجي الذي لا يقاس بالأعوام.
إضافة إلى السمات السابقة، تتميز الاستثمارات في الخدمات العامة بطول فترة الاسترداد كما أن هناك تبايناً واضحاً في قدرة قطاعات البنية التحتيّة على تحقيق الإيرادات ففي حين يمكن أن يحقق قطاع الاتصالات إيرادات وأرباحاً ضخمة، تبقى قدرة بعض القطاعات على تحقيق الإيرادات بل تغطية تكاليف التشغيل محدودة في كثير من الأحيان مثل قطاع المياه والطرق .
لانغفل هنا أهميّة الشراكة مع القطاع الخاص التي يجب أن تبنى منافعها وفق التزامه بتوفير الخدمات العامة بمستويات جودة مقبولة وفق إطار تنظيمي قانوني وإلتزامات تعاقدية صارمة. بإعتبار أن مشروعات المرافق والخدمات العامة مجالاً خصباً لظهور الفساد الذي تتعدد صوره مابين تصورات وهمية أو شكلية لا عائد اقتصادي أو اجتماعي من ورائها أو حصول المسؤولين على عمولات ضخمة مقابل غض النظر عن مبالغة المتعهدين في تقدير قيمة تكاليف الإنشاء أو عدم التزام المواصفات المعيارية لهذه المشروعات .
هذا البحث يتعرض لأهم المشكلات التي تواجه المؤسسات الخدمية، والمبادئ الأساسية لإعادة تأهيلها.
أولاً: أداء مؤسسات الخدمة العامة.
على الرغم من أن لكل قطاع خدمي مشكلاته الخاصة، فإن هناك مشكلات عامة تواجهها القطاعات كلها على اختلافها، أهمها انخفاض الكفاءة التشغيلية، والصيانة غير الكافية، والخسائر المادية، وانخفاض جودة الخدمات المقدمة، وصعوبة حصول الفقراء على الخدمات الأساسية .
انخفاض الكفاءة التشغيلية؛ نرى مظاهرها في إرتفاع نسبة الخسائر في توفير الخدمات العامة، وهذا يرجع بصورة أساسية إلى أسباب فنية تتعلق باستخدام أساليب تقنية غير فاعلة أو أسباب إدارية تتعلق بضعف آليات المتابعة والرقابة والمساءلة .
كما أن ارتفاع نسبة العمالة الفائضة والاستخدام غير الكفء للموارد البشرية مظهراً آخر وربما سبباً في الوقت ذاته لانخفاض الكفاءة التشغيلية. وهي سمة من السمات الرئيسة في بعض القطاعات كالطاقة الكهربائية وإمدادات المياه والموانئ التي يديرها القطاع العام، ترجع جذور مشكلة العمالة الفائضة إلى تداخل الاعتبارات السياسية والاجتماعية بالاعتبارات الاقتصادية.
الصيانة غير الكافية؛ هي إحدى المشكلات المزمنة في المؤسسات الخدمية، وهي أيضاً السبب الرئيس في تدهور محطات الطاقة ومضخات المياه وخدمات الموانئ والطرق.
هذه المشكلة تتسبب فيها عوامل كثيرة، نورد في هذا السياق أهمها:
- نفقات الصيانة غالباً الضحية الأولى لأي تخفيضات في الإنفاق الحكومي.
- صعوبة القيام بها نتيجة عيوب فنية في تصميم مشروعات المرافق والخدمات العامة.
- عدم توافر الكوادر المؤهلة القادرة على القيام بعملية الصيانة.
- عدم توافر النقد الأجنبي اللازم لاستيراد قطع الغيار .
الخسائر المادية؛ من حيث المبدأ، لاتعمل مشروعات الخدمات العامة التي يديرها القطاع العام على زيادة أرباحها كالمشاريع التي يقوم بها القطاع الخاص ( فهناك أهداف اقتصادية واجتماعية عدة تسعى هذه المشروعات إلى تحقيقها، وتفوق في أهميتها هدف تحقيق أقصى أرباح مالية ممكنة )، إلا أن هذا لا يعني بالتأكيد أن تدار هذه المشروعات على أسس بعيدة من ترشيد الإنفاق. ما يؤدي إلى تضخم الفجوة بين إيرادات مشروعات الخدمات ونفقاتها، ومن ثم زيادة المخصصات المالية اللازمة لدعمها وزيادة العجز في الموازنة العامة وارتفاع مستويات الدَين العام، ما يهدد الاستقرار الاقتصادي الكلي .
تردي جودة الخدمات العامة؛ لاشك في أن انخفاض كفاءة التشغيل والافتقار إلى الصيانة الكافية، وعدم توافر الموارد المالية، عوامل تؤثر سلبا في حجم الناتج من الخدمات العامة ما يؤدي إلى حرمان بعض فئات المستخدمين منها، وبحثها عن بدائل، ما يفرض في النهاية أعباء مالية واقتصادية على بعض المستخدمين ما كان وجودها ممكنا في حال توافر الخدمات بالكم والجودة الملائمين . فالانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي يدفع بعض مؤسسات الأعمال في القطاع الخاص إلى شراء مولدات للطاقة الكهربائية، ما يكبدها تكاليف استثمارية إضافية ترفع من سعر المنتج. وعدم توافر مياه الشرب بالمواصفات الصحية يدفع بعض الأسر إلى شراء المياه المعبأة أو شراء أجهزة خاصة لتنقية المياه.
إضافة إلى انخفاض كفاءة التشغيل والافتقار إلى الصيانة، ترجع جذور انخفاض جودة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين إلى ضعف عمليات الرقابة والمتابعة.
الاهتمام غير الكافي بالفقراء؛ بوجه عام، يمكن القول إن ما يحصل عليه الفقراء من الخدمات العامة يقل سنويا بشكل ملموس. وهناك من هم أكثر شقاء مثل سكان المناطق العشوائية الذين لا يحصلون على الخدمات إطلاقا. لايرجع هذا الانخفاض في مستويات الحصول على الخدمات العامة بسبب تدني الدخل، بل أيضا إلى صعوبة الوصول إلى الخدمات العامة. فعلى الرغم من الدعم المقدم من الحكومة ومن المساعدات لأسعار الخدمات الأساسية ليتسنى للفقراء الحصول عليها، إلا أن الفساد يستحوذ على عوائد الدعم، ويعود العجز عن الحصول على الخدمات العامة نتيجة اختلال هيكل تكاليف الحصول عليها، فتكون أسعار الخدمة منخفضة نسبيا، لكن رسوم توصيل هذه الخدمة مرتفعة، الأمر الذي يحول دون حصول الأسر الفقيرة على الخدمات.
إهمال الاعتبارات البيئية؛ اليمن من الدول التي لا تولي الاعتبارات البيئية اهتماما عند تخطيط مشروعات الخدمات العامة وتنفيذها، أو عدم التعامل معها بالجدية الكافية. وهذا يسقط قدراً كبيراً من منافع هذه المشروعات ويتطلب نفقات ضخمة لمعالجة الآثار البيئية السلبية الناشئة عن هذه المسألة.
من الأسباب التي تؤدي إلى إهمال المستخدمين والمنتجين الاعتبارات البيئية:
- إستخدام الأساليب الإنتاجية العتيقة غير الصديقة للبيئة.
- عدم التزام منفذي مشاريع الخدمات العامة بالمعايير الصحية السليمة الخاصة بالنقل أو التخلص من بعض المواد ذات الخطورة، كالتخلص من نفايات السفن وتطهير الموانئ على نحو غير ملائم.
- عدم مراعاة المعايير البيئية السليمة في التخلص من النفايات الطبية والصناعية.
يقود العرض السابق للمشكلات التي يعانيها القطاع العام في إدارة مشروعات الخدمات العامة إلى التساؤل عن أسباب هذه المشكلات.
ثانياً: أسباب الأداء الضعيف للقطاع العام في مشروعات الخدمات العامة
ضعف أداء القطاع العام في إدارة مشروعات الخدمات العامة يرجع إلى أسباب عدة، أهمها:
- عدم وجود إطار إستراتيجي واضح الأهداف.
تتسم أهداف وحدات القطاع العام المسؤولة عن توفير خدمات البنية التحتية غالباً بالغموض والتعارض، ما يحول في النهاية دون تحقيق أي منها.
- الافتقار إلى الاستقلال الإداري التنظيمي.
في ظل التدخلات السياسية المتكررة وعدم سيطرة مديري وحدات القطاع العام على القرارات الخاصة بعمليات التوظيف ومستويات الأجور والمرتبات والتشغيل اليومي ومستويات الأسعار، تتلاشى القدرة وتختفي الحوافز عند هؤلاء المدراء لتحسين الأداء فيصعب حينئذ وضع إطار ملائم للمساءلة .
يرتبط الاستقلال الإداري ارتباطاً وثيقاً بمسألة تحديد الأهداف، إذ لا يمكن مساءلة هذه المؤسسات في شأن تحقيق أهداف معينة في ظل وجود تدخلات سياسية وتنظيمية تجعل تحقيق هذه الأهداف أمراً مستحيلاً .
إضافة إلى عدم وجود إطار استراتيجي واضح الأهداف للقطاع العام، وعدم تمتعه بالاستقلال الإداري التنظيمي، يمكن أن تعاني مؤسساته عدم توافر الكوادر الإدارية المؤهلة في المناصب العليا، وعدم توفر العمالة المدربة، وعدم توفر الموارد المالية اللازمة لإعادة تأهيل هذه العمالة أو تدريبها .
علاوة على ما تقدم، يرى البعض أن السبب الرئيس لضعف أداء القطاع العام في إدارة مشروعات الخدمات العامة يتمثل في نظم الحوافز الموجودة في القطاع العام، والتي تدخل في صميم الترتيبات المؤسسية والتنظيمية الحالية التي لا تحدد مؤشرات أداء خاصة، ولا تتضمن آليات فعّالة للمساءلة، ولا تهتم كثيراً برضا مستخدمي الخدمات العامة.
ثالثاً: المبادئ الأساسية لإعادة بناء المرافق والخدمات العامة.
تتطلب عملية إعادة بناء المرافق والخدمات العامة، وتطوير أدائها. العمل على محاور عدة أهمها:
1- إتخاذ تدابير الاستجابة الإيجابية التي يمكن البناء عليها وتوسيع نطاقها بما يتجاوز التدهور الذي تعرضت له المؤسسات الخدمية، والتصدي لما تواجهه من تحديات.
2- ضرورة الاستثمار في تعزيز المساءلة. لتُكمل عملية بناء ثقة المواطنين في الحكومة، وتعزيز سيادة القانون.
3- ضرورة تنويع الاقتصاد وتعزيز قدراته على الصمود في مواجهة الأزمات من خلال توجيه استثمارات أكبر لقطاعات الخدمات والتصدي لارتفاع معدلات البطالة بتشجيع خلق فرص عمل جديدة. وتحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز إدارة الضرائب، وزيادة الإنفاق الاجتماعي لحماية الفقراء والضعفاء.
4- إدارة مشروعات الخدمات العامة على أسس تجارية من منطلق أنها (صناعة خدمات) تنتج خدمات تلبي حاجات المستفيدين، وتسعى إلى تحقيق عائد مقبول على رأس المال المستثمر من خلال التشغيل الكفء. إلا أن الأوضاع السائدة في المؤسسات الحكومية المسؤولة عن إدارة مشروعات الخدمات العامة بعيدة كل البعد عن ذلك، حيث تتعدد أهدافها وتتعارض، وتعاني من التدخلات السياسية المستمرة، ما يؤثر سلباً في القرارات الخاصة بالاستثمار والتوظيف والأسعار والأساليب الإنتاجية المستخدمة. وفي ظل غياب هياكل حوافز ملائمة، لا يهتم المسؤولون عن هذه المؤسسات كثيراً بتلبية حاجات المستخدمين أو التشغيل الكفء لأصول هذه المشروعات. ومن ثم لا تحقق هذه المشروعات عوائد معقولة على رأس المال، وفي كثير من الأحيان تتكبد خسائر تفرض أعباء متزايدة على المالية العامة.
لكن التوجه نحو إدارة المؤسسات الخدمية على أسس تجارية يواجه كثير من النقد والمعارضة الشئ الذي يجعل من الصعب بل من غير المرغوب فيه أن تدار المشروعات الخدمية وفق تلك الرؤية لأسباب أهمها أن الخدمات العامة تجمع بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي، فهي وإن كانت تحقق منافع اقتصادية لمستخدميها، وهو أمر يستوجب حصول المنتجين على سعر يغطي تكاليف الإنتاج ويضمن معدل عائد مقبول، فإن تقديم هذه الخدمات يعد إحدى الوظائف الأساسية للدولة، بل أحد أسباب نشوء فكرة الدولة في الفكر السياسي. ولأن هذه الخدمات أساسية يصعب استمرار الحياة الإنسانية أو الاقتصادية من دونها، وينبغي ألا تخضع لمبادئ السوق، فهناك فئات فقيرة لا تستطيع الحصول على حاجتها الأساسية من هذه الخدمات إذا قدمت من خلال السوق. لذا يجب البحث عن منحى توافقي بين النزعات التجارية والحماية الإجتماعية لمحدودي الدخل.
5- تعزيز سبل الوصول الشامل والعادل إلى الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية ذات الجودة، وتوسيع مبادرات التماسك الاجتماعي. والاستثمار في سياسات وخدمات الرعاية، وضمان إدراج الفئات المهمشة والضعيفة في جميع جوانب ومراحل عمليات التعافي، وخاصة النساء والنازحين والأشخاص ذوي الإعاقة.
6- تحقيق الاستقلال الإداري والمالي. للمؤسسات المعنية بتقديم الخدمات العامة لحمايتها من التدخلات السياسية، على أن يكون هذا الاستقلال حقيقياً تحكمه ضوابط معينة، إذ ينبغي أن يتمتع المسؤولون عن هذه الهيئات باستقلال كافٍ في اتخاذ القرارات .
لا يعني هذا الاستقلال، منح المؤسسات العامة الحرية الكاملة في إدارة مشروعات الخدمات العامة، إذ يجب أن تخضع هذه المؤسسات كلها للرقابة التنظيمية من الوزارات التي تتبعها، مع تحديد الأدوار وفصلها، فالوزارة على سبيل المثال تضع أهدافاً محددة وواضحة، وتترك مهمة تحقيق هذه الأهداف والتخطيط التفصيلي للمؤسسات العامة.
ومع منح المسئولين عن إدارة المرافق والخدمات العامة الاستقلال المالي والإداري الكافي، يجب وضع آليات لمساءلتهم أمام الحكومة والبرلمان، مع أخذ مستوى رضا المستخدمين عن الخدمات المقدمة في الاعتبار .
7- تطبيق اللامركزية ومشاركة المجتمعات المحلية من خلال تنظيم يتميز بثلاث مستويات:
الأول، جهة حكومية تقوم بالتخطيط الطويل الأجل، تتولى مسؤولية توفير الموارد المالية ووضع معايير الأداء وتقديم العون الفني.
الثاني، جهة من المحافظات تشرف على الشبكات المحلية، وتراقب مدى التزام الإدارات المحلية للتشريعات واللوائح القومية، وتتابع أيضا الأداء وتدريب المدراء والفنيين في الإدارات المحلية.
الثالث، الإدارة المحلية التي تدير المرافق والخدمات العامة وتخطط الموازنات المحلية وتعدها، وتتابع التشغيل والصيانة، وتحصيل الرسوم إن وجدت .
وبحسب عدد من دراسات البنك الدولي، كان لتطبيق اللامركزية ومشاركة المجتمعات المحلية آثار إيجابية ملموسة في مجالات إنشاء الطرق المحلية وإمدادات مياه الشرب، خصوصا في عمليات التشغيل والصيانة .إلا أن هذه النتائج كانت مرتبطة بوجود آليات ملائمة لتوزيع الأدوار والمسؤوليات، وأطراً فاعلة للمساءلة.
يتمثل تطبيق اللامركزية في مرافق الخدمات العامة في صورته البسيطة بنقل بعض سلطات السلطة المركزية واختصاصاتها إلى الإدارات المحلية، حيث توفر السلطات المركزية الموارد المالية اللازمة على أن تشارك المجتمعات المحلية في اختيار المشروعات الخدمية وتخطيطها وتنفيذها. ولأن الجهات المحلية تكون أكثر قدرة على تحديد أولويات المجتمعات المحلية ووضعها والاستجابة لها، فإن اللامركزية إذا ما أُحسن تطبيقها يمكن أن تزيد مستويات رضا مستخدمي الخدمات العامة .
ليست اللامركزية بوصفها مدخلاً تنظيمياً إدارياً جيدة أو سيئة في حد ذاتها، لكن يعتمد مدى نجاحها في تحسين أداء القطاع العام على كيفية تطبيقها، وهذا أمر يعتمد بدوره على عوامل عدة أهمها :
- مدى توافر القدرات والكوادر البشرية المؤهلة، أو التي يمكن تأهيلها، على المستوى المحلي .
- هيكل الحوافز الذي ينظم عمل الجهات المعنية وآليات تعزيز الشفافية والمساءلة
- تكاليف تطبيق اللامركزية، سواء أكانت مالية أم غير مالية .
يواجه تطبيق اللامركزية في اليمن مشكلة عدم توافر الكوادر البشرية المؤهلة والخبرات الفنية اللازمة، ما يحول دون استغلال الفرص التي تتيحها اللامركزية لتحسين الأداء في مرافق الخدمات العامة، ويتطلب التغلب على هذه المشكلة قيام الجهات المركزية والجهات المحلية بتوفير الدعم الفني والتقني والخبرات، خصوصا تلك المتعلقة بالتدريب والتأهيل المستمرين .
8- تسريع مبادرات الإنتقال الى الطاقة النظيفة، والتوسع في الاستثمار في البنى التحتية ووضع خطة إستراتيجية تراعي إستدامة خدمات المياه. وإيلاء المزيد من الإهتمام لمتطلبات حماية البيئة.
—————————————
المصدر: كتاب (اليمن، منظومة الخدمات العامة في زمن الحرب-التعقيدات رؤى الحل)، د.خالد عبد الكريم، دار العلوم للنشر والتوزيع، القاهرة.2023.